إعلان هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين

 

إعلان هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين

 

 

هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات

بعثت هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات على إثر إضراب الجوع الذي شنه 8 من رموز الأحزاب والجمعيات للاحتجاج على التدهور الخطير الذي شهدته أوضاع الحريات في بلادنا 18 أكتوبر-18 نوفمبر 2005.

 

نص إعلان هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين

 

حققت المرأة التونسية مكاسب هامة على طريق تحررها كإنسان ومشاركتها على قدم من المساواة مع الرجل في مختلف مجالات الحياة، وجاءت هذه المكاسب ثمرة لحركة الإصلاح التي حمل لواءها  مفكرون ومصلحون كبار كان لهم شرف الدفاع عن تعليم المرأة وتحريرها والنهوض بأوضاعها كما، جاءت ثمرة لنضال دؤوب خاضته حركات نسائية من مختلف المشارب الفكرية عملت على مدى القرن الماضي على فك عقال المرأة وإخراجها إلى الحياة العامة.

ويأتي في مقدمة هذه المكاسب ما تضمنته مجلة الأحوال الشخصية من حقوق وإصلاحات ساهمت في الحد من مظاهر الحيف والتمييز ومن أسباب التوتر في العلاقات الأسرية من ذلك أن منعت مجلة الأحوال الشخصية تعدد الزوجات وأقرت التراضي أساسا لقيام عقد الزواج واعتبرت المرأة أهلا لتزويج نفسها دون ولاية من أحد وحددت سنا دنيا للزواج ووضعت بذلك حدا لتزويج القاصرات اللائي لم تتجاوزن سن المراهقة كما سنت المجلة حالة من التساوي بين المرأة والرجل وأخضعت الطلاق إلى مراقبة القاضي وشركت المرأة في إدارة شؤون الأسرة ووسعت من حالات إسناد المرأة الجنسية التونسية لأبناءها من أب أجنبي.

وفي مجال التربية والتعليم أقر القانون التونسي مبدأ التساوي بين البنين والبنات في حق التعليم وجعله إجباريا ووحد بين البرامج والخيارات المفتوحة أمام الطلاب وعمت المدارس المختلطة للبنين والبنات وبذلك زالت مظاهر التمييز بين الجنسين في مستوى التعليم وتساوت نسب التمدرس بينهما وتطورت صورة المرأة لدى الناشئة.

وفي ميدان الشغل سوى القانون بين النساء والرجال في حق العمل وفي الأجر وفي التغطية الإجتماعية وفي الرعاية الصحية وخص المرأة الحامل والمرضع بحماية تحفظ لها صحتها وأمومتها كما سوى بصفة عامة بين الجنسين في حق التقاعد وفي فرص الارتقاء وفي الضمانات عند الطرد وجاءت القوانين التونسية في مجال الشغل والتغطية الإجتماعية مطابقة لأغلب المعاهدات الدولية التي سنتها المنظمة العالمية للشغل وصادقت عليها البلاد التونسية. وبذلك فتح عالم الشغل أمام المرأة التي لم تترك مجالا من مجالات النشاط الإجتماعي  إلا واقتحمته وتقلدت المرأة مختلف أنواع الخطط والمهن وأثبت فيها كفاءة وجدارة ساهمت بشكل فعال في تطوير العقليات وتخليصها من التقاليد البائدة المحقرة للمرأة.

وفي مجال الحقوق المدنية والسياسية سوت القوانين والمبادئ الدستورية أيضا بين المرأة والرجل من حيث الأهلية للقيام بالعقود المدنية والإجراءات القضائية ومن حيث  الذاتية المالية للمرأة ومنحتها القوانين حق الانتخاب والترشح إلى مختلف الخطط واعترفت لها بحرية التنقل والسفر وفي تحمل المسؤوليات النيابية والحكومية وفي المشاركة في الحياة الجمعياتية وفي الأحزاب والمؤسسات السياسية المختلفة.

إن هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات إذ تتمسك بكل هذه المكاسب التي جاءت في سياق حركة إصلاحية اجتهادية تنويرية ومتفقة مع المواثيق الدولية حول حقوق المرأة والتي ساعدتها على تحقيق إنسانيتها وتخليصها من القيود الثقافية والإجتماعية للعصور الانحطاط وأسهمت بذلك في تحرير نصف المجتمع وتحديثه مع الحفاظ على مقومات هويته الحضارية الخصوصية، وإذ تؤكد عزمها الراسخ على الحفاظ على كل هذه المكاسب والدفاع عنها في وجه كل تهديد وعلى مواصلة الحوار بروح وطنية بناءة حول القضايا الخلافية العالقة مثل مسألة المساواة في الإرث أو الموقف من التحفظات التي أبدتها الدولة التونسية حيال بعض الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة فهي تعتبر أن وضعية المرأة مازالت تطلب الكثير من التطوير والتحسين حتى تتحقق المساواة الكاملة بين الجنسين نصا وممارسة وينتفي كل تمييز بين المواطنين على أساس الجنس.

ففي مجال الأحوال الشخصية ودعما لسلامة الأسرة ودورها في المجتمع يتعين تعميق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين الزوجين واعتبارهما شريكين متعاونين في إدارة شؤون العائلة ورعاية الأبناء واختيار محل الزوجية وإسناد الجنسية لأبناءهما وذلك بتخليص المجلة وسائر القوانين من رواسب التمييز المكرسة لدونية المرأة، كما يتعين الرفع في السن القانونية الدنيا لزواج المرأة إلى ثمانية عشر عاما وهي السن القانونية التي تنتهي فيها فترة الطفولة.

وفي مجال التعليم وعلى الرغم من كل الخطوات المقطوعة لا تزال الأمية تنتشر في أوساط النساء ونسبتها تفوق نسبة نسبتها لدى الرجال بكثير. وأما في ميدان الشغل فإن المساواة في القانون لم تقض على مظاهر التمييز في الواقع إذ تعصف البطالة بالنساء حتى أن ثلاثة أرباعهن لا يحتسبن من بين القوة العاملة للبلاد. وتحتل المرأة مواطن العمل الأكثر هشاشة وتعرضا لعدم الإستقرار والطرد، وترجع إليها المهن متدنية المهارة والأجر. ولا تتمتع النساء بالمساواة في الأجر حيث يقل معدل الاجر العام للنساء بنسبة 14 بالمائة عن أدور الرجال وترتفع هذ النسبة إلى 18 بالمائة في القطاع الخاص حسب آخر الاحصاءات المتوفرة. وتتعرض المرأة العاملة إلى التمييز بسبب حالتها المدنية وخاصة الزواج والحمل والرضاعة كما ترهقها ازدواجية المسؤوليات المهنية والأسرية وقل ما تحترم المؤسسات مقتضيات القانون من حيث وفير دور الحضانة وتندر المؤسسات التي تعينها على رعاية أطفالها مدة العمل. إلى ذلك تستشري ظاهرة العنف المسلط على النساء داخل الأسرة والمجتمع وتتفاقم مظاهر التحرش والاتجار بالمرأة.

أما في المجال السياسي فإن المرأة والرجل يتعرضان على حد سواء إلى الحران من الحقوق والحريات الأساسية ولكن المرأة تعاني في هذا المجال وبسبب مسؤولياتها الأسرية ورواسب النظرة الدونية من تمييز مضاعف يتجلى في ضعف حضورها في الهيئات التمثيلية والمؤسسات التنفيذية محليا ووطنيا وداخل المنظمات المهنية والثقافية والأحزاب السياسية.

إن هيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات إذ تتمسك بما تحقق من مكاسب تحررية ترى أن القضاء على مظاهر التمييز ضد المرأة داخل الأسرة وفي الحياة العامة يتطلب من الحركات السياسية ومن المجتمع المدني بكل هيئاته ومنظماته وعموم الشعب مواصلة الجهد في إطار من التفاعل بين مقومات الحضارة العربية الإسلامية للمجتمع التونسي ومكتسبات البشرية في العصور الحديثة وذلك بالعمل على تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين في الاتجاهات التالية:

◄ التنصيص على مبدأ المساواة بين الجنسين بصفة صريحة في الدستور وفي مختلف القوانين التونسية وتخليصها من كل لبس وتنقيح أو إلغاء كل القوانين التي تتضمن أي شكل من أشكال التمييز ضد المرأة بما يحقق مساواتها الكاملة مع الرجل ويفتح في وجهها أوسع مجالات المشاركة في الحياة العامة وتقلد مختلف الخطط دون استثناء.

◄ توفير الضمانات القانونية والآليات القضائية لتعقب التمييز ضد المرأة وفتح حق التقاضي  في شأنه لكل المنظمات والهيئات ذات الصلة.

◄ إلغاء منشور عدد 108 بوصفه إجراء تعسفيا يعرض النساء المتحجبات إلى التسلط والحرمان من الحقوق واعتبار مسألة الحجاب قضية تتعلق بالحرية الذاتية لا يحق لأي كان التدخل فيها بالمنع أو الإلزام عن طريق الإكراه.

◄ تطوير العقليات وإصلاح البنى الثقافية وإيلاء دور هام للمدرسة ولوسائل الإعلام في بناء ثقافة جديدة تقضي على مظاهر التمييز ضد النساء وترسي ركائز أسرة متماسكة ومتضامنة.

◄ تكثيف الجهد للقضاء على الأمية ولا سيما في أوساط النساء.

◄ تعزيز الرعاية الصحية للمرأة والتسوية في عطلة الأمومة بين القطاعين العام والخاص وإقرار عطلة ما قبل الوضع.

◄ دعم كل المبادرات واتخاذ الإجراءات التي من شأنها تدارك التفاوت بين المرأة والرجل في مختلف المجالات.

◄ إقرار الحريات الفردية والعامة بما يضمن مشاركة كافة هيئات المجتمع في عملية الإصلاح الاجتماعي حتى لا تبقى قضية المرأة أداة للتوظيف الدعائي من قبل السلطة وحزبها والمنظمات الدائرة في فلكها.

تونس في 8 مارس 2007

هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات         

 

إرسال تعليق

0 تعليقات