الركن الشرعي للجريمة

 

الركن الشرعي للجريمة

 

الجريمة والعقاب تحدد بنص قانوني سابق الوضع.

هذا الركن يجد أساسا له في مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي تنبثق عنه عدة مبادئ متفرعة.

* مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات:

تتجسد الشرعية في المادة الجنائية في مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.

+ مضمون مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات:

يتكون هذا المبدأ من قاعدتين متكاملتين:

قاعدة أولى: لا جريمة بدون قانون. -

قاعدة ثانية: لا عقوبة بدون قانون. -

ترتكز هاتين القاعدتين على 3 شروط:

- وجود قانون التجريم والعقاب:

الفصل الأول من المجلة الجزائية )م.ج(: العقاب يوضع بنص من قانون.

السلطة التشريعية تحتكر وضع النصوص المتعلقة بالعقاب وبصفة منطقية النصوص المعلقة

بالتجريم.

2 - تحديد عناصر الجريمة:

يقتضي مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات أن يتم تحديد الأفعال والسلوكات التي تعتبر جريمة بنص

قانون صريح.

3 - تحديد العقاب بنص التجريم:

تحدد العقوبة المقررة للجريمة بنص قانوني صريح.

يعتمد القانون التونسي على أسلوب تحديد العقوبات وفق قاعدة الأدنى والأقصى.

يتقيد القاضي بهذه الحدود وليس له أن يضيف صنفا آخر من العقوبات.

+ مبررات وأسس مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات:

توفير الضمانات للفرد.

حماية المجتمع بتوفير العدل وضمان الإستقرار الإجتماعي.

الحرص على احترام مبدأ التفريق بين السلط.

+ آثار ونتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات:

الآثار على المشرع: احتكار سلطة إصدار النصوص الجنائية.

التزام الدقة والوضوح عند سن النصوص الجنائية.

الآثار على القاضي:

من حيث التجريم: - -

في حالة وجود النص: عليه اختيار الوصف القانوني السليم والدقيق وفقا للنص القانوني المنطبق على

الوقائع المطروحة.

في حالة غياب النص: على القاضي الامتناع عن التجريم والحكم بعدم سماع الدعوى.

من حيث العقاب: - -

في حالة وجود النص: على القاضي التقيد بالحد الأدنى والأقصى المقرر بالنص. وليس له الأخذ

بضرف تشديد أو تخفيف إن لم ينص عليه القانون.

في حالة غياب النص: ليس للقاضي النطق بالعقاب وليس له إضافة عقاب جديد.

* المبادئ المتفرعة عن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات:

مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي الجديد

مبدأ إقليمية القانون الجنائي

مبدأ التأويل الضيق للقانون الجنائي

+ مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي الجديد

مفهومه:

يقصد به أن النص القانوني الجديد لا ينطبق على الجرائم والأفعال المرتكبة قبل دخوله حيز التنفيذ.

كرس هذا المبدأ الفصل الأول من المجلة الجزائية :"لا يعاقب أحد إلا بمقتضى نص من قانون سابق

الوضع لكن إذا وضع القانون بعد وقوع الفعل وقبل الحكم البات وكان نصه أرفق بالمتهم فالحكم يقع

بمقتضاه دون غيره".

استثناءات مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي:

- -الاستثناء التشريعي: القانون الأرفق --

ورد هذا الاستثناء بالمجلة الجزائية )الفصل الأول(.

وأكد عليه الدستور السابق في الفصل 13 .

كما نص عليه دستور 2014 حيث جاء في الفصل 28 منه أن "العقوبة شخصية، ولا تكون إلا

بمقتضى نص قانوني سابق الوضع، عدا حالة النص الأرفق بالمتهم".

يشترط أن يكون القانون الجديد أرفق وصادر قبل صدور حكم بات.

القانون الأرفق:

يعني أن يكون هذا القانون أصلح بالمتهم ويعود تقدير ذلك للقاضي الجزائي.

يكون القانون أرفق إذا توفرت إحدى هذه الحالات:

أرفق من حيث التجريم: -

ü إذا ألغى القانون الجديد صفة الجريمة على الفعل فأصبح مباحا.

ü إذا أضاف سبب من أسباب الإباحة.

ü إذا أضاف عنصرا جديدا للجريمة يسهل الإفلات من التجريم.

أرفق من حيث العقاب: -

ü إذا ألغى القانون الجديد العقوبة ) مثال إلغاء عقوبة الأشغال الشاقة(.

ü عندما يستبدل العقاب بعقاب أخف من حيث النوع أو من حيث المقدار:

من حيث النوع: عندما سيتبدل العقاب بعقاب آخر يكون أخف بطبيعته )استبدال العقاب بالسجن -

بتعويض مالي(.

من حيث المقدار: إذا تم النزول بالحد الأدنى أو بالأقصى أو بالحدين معا. -

أثارت الحالة الأخيرة صعوبات من حيث التطبيق إذا تم النزول بحد والترفيع في حد آخر.

اختلف الفقهاء إذ نجد 3 آراء: رأي أول: يعتبر القانون الجديد أخف إذا نزل بالحد الأدنى.

رأي ثان: يعتبر القانون الجديد أخف إذا نزل بالحد الأقصى.

رأي ثالث: يترك للقاضي حرية تقدير مدى توفر شرط القانون الأخف حسب

حالة المتهم. هذا الرأي هو المعمول به غالبا إذ يقدم حلا مرنا.

ü إذا أضاف القانون الجديد مانعا من موانع المسؤولية.

ü إذا أضاف القانون الجديد ضرف تخفيف أو حذف ضرف تشديد.

غياب حكم بات:

حتى يطبق القانون الجديد بصفة رجعية يجب أن يصدر قبل صدور حكم بات.

الحكم البات هو الحكم الذي استوفى جميع طرق الطعن .

- -الاستثناءات الفقهية: --

يذهب الفقهاء إلى أن مبدأ عدم رجعية القانون الجزائي الجديد له استثناءات لم ينص عليها القانون صراحة

وهي:

- القانون المفسر: يصدر لتوضيح غموض بنصوص وضعت قبل صدوره لذلك يطبق بصفة رجعية. إلا

إذا تجاوز التفسير ليكمل النص السابق.

يقر هذا الرأي بوجود غموض بالقانون الجزائي وهو ما يتعارض مع مبدأ الشرعية الذي يلزم المشرع

بإصدار نصوص واضحة.

- القانون الإجرائي: ينظم سير المحاكم والإجراءات الجزائية المتبعة لديها.

اختلف الفقهاء حول رجعيته فبرز رأيان:

رأي أول يشترط أن يكون القانون الإجرائي الجديد أرفق بالمتهم حتى يكون رجعيا.

رأي ثان وهو الغالب يأخذ بمبدأ رجعية القانون الإجرائي لأنه يتعلق بتنظيم مرفق عام. كما يبرر ذلك

بالفصل الأول م.ج الذي قرن عدم رجعية القانون الجديد بالعقاب أي بالقانون الموضوعي.

+ مبدأ إقليمية القانون الجنائي

يهدف مبدأ الإقليمية إلى تحديد القانون المنطبق في حلة تنازع القوانين في المكان.

مفهوم مبدأ الإقليمية:

يعني هذا المبدأ أن القانون الجنائي لا ينطبق إلا في حدود إقليم الدولة التي صدر عنها.

القانون الجنائي التونسي ينطبق على كل الجرائم التي ترتكب على أرض البلاد التونسية مهما كانت

جنسية مرتكبها.

الإقليم هو الحدود الجغرافية لسيادة الدولة. ويتكون من صنفين:إقليم طبيعي وإقليم حكمي.

إقليم طبيعي: يتكون من ثلاثة: إقليم بري: رقعة الأرض المحددة جغرافيا والخاضعة لسيادة الدولة.

إقليم بحري: الجزء من البحر الخاضع للسيادة الوطنية. حدده القانون

التونسي ب 6 أميال بالنسبة للملاحة البحرية و 12 ميل بالنسبة للصيد البحري

إقليم جوي: كل الفضاء الذي يعلو رقعة الأرض والمياه الإقليمية التابعة للدولة

إقليم حكمي: يمثل امتداد لحكم القانون للإقليم الطبيعي ويتكون من السفن والطائرات الحاملة للجنسية

التونسية.

استثناءات مبدأ الإقليمية

- -استثناءات تتعلق بالجرائم المرتكبة داخل الإقليم: --

تصنف هذه الاستثناءات إلى نوعين من الحالات :

الحالة الأولى: تمتع الفاعل بالحصانة:

هذه الحصانة قد تكون حصانة:

- برلمانية: يتمتع بها أعضاء المجالس النيابية بإعفاء من التتبع بشأن التصريحات التي يدلون بها أثناء

قيامهم بمهامهم.

- قضائية: يتمتع بها القضاة في السلك العدلي والإداري.

- رئاسية

- ديبلوماسية

الحالة الثانية: حالة الأجنبي الذي يرتكب جريمة داخل البلاد التونسية

يمنع تتبعه إذا تمت محاكمته بصفة باتة في الخارج.

- -استثناءات تتعلق بالجرائم المرتكبة خارج الإقليم --

ينطبق القانون التونسي في حالة توفر الجنسية:

- إذا كان الجاني تونسي: يقع تتبع التونسي الذي يرتكب جناية أو جنحة خارج تراب الجمهورية إذا لم

تتم محاكمته بصفة باتة بالخارج. وحتى إذا اكتسب الجاني الجنسية بعد ارتكابه للجريمة.

- إذا كانت الضحية تونسية: يقع تتبع الأجنبي الذي يرتكب جناية أو جنحة يكون ضحيتها تونسي إذا لم

تتم محاكمته بصفة باتة.

ينطبق القانون الجنائي التونسي حماية للمصالح العليا للدولة:

يقع تتبع ومحاكمة الأجنبي الذي يرتكب بالخارج جناية أو جنحة من شأنها النيل من أمن الدولة أو تقليد

طابع الدولة أو تدليس عملتها.

+ مبدأ التأويل الضيق للنص الجنائي

يحتم مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات على المشرع إصدار نص واضح لا لبس فيه لتجنب التأويل.

قد تحتوي النصوص الجنائية على بعض الغموض الذي يوجب تأويلها.

يفرض مبدأ الشرعية قاعدتين:

قاعدة التأويل الضيق للنص الجنائي

يتقيد القاضي بالبحث في المعنى اللغوي أو الإصطلاحي لعبارات النص. كما يتقيد بالوقوف على مقاصد

المشرع زمن وضع النص من خلال البحث في الأعمال التحضيرية.

يجب على القاضي أن لا يتجاوز هذه الأساليب الثلاثة في تأويل النص الجنائي الغامض.

قاعدة منع القياس

القياس تقنية يعتمدها القاضي لملء فراغ تشريعي:

القياس تقنية تمكن من استنباط حل لحالة لا نص فيها من خلال حكم وضع لحالة مشابهة.

يمنع القياس في القانون الجنائي لأن في إعماله حلول القاضي محل المشرع في وضع النصوص.__

إرسال تعليق

0 تعليقات