في أسباب انهيار الدول: عندما تفشل كل من السلطة والمعارضة

 

في أسباب انهيار الدول
عندما تفشل كل من السلطة والمعارضة؟

 



تتمثل السلطة في الطرف السياسي الفائز في الانتخابات بأغلبية مريحة تخول له تمرير القوانين. يمكن أن تتشكل السلطة من لون طرف سياسي واحد ويمكن أن تتألف من مجموعة من الأطراف. في حين تمثل المعارضة بقية الأطراف سواء تلك التي لا تملك ممثلين في مؤسسات الدولة (التشريعية) أو التي تتمكن من الحصول على عدد من المقاعد يكون غير كافي لتولي السلطة. تعمل الأطراف المكونة للسلطة على النجاح في مهمة تسيير البلاد وتحقيق مطالب الشعب لأجل الحفاظ على الحكم، في حين تعمل مكونات المعارضة على مراقبة أعمال السلطة لأجل منع الانحراف بالحكم إلى غايات أخرى تسقط الدولة ومحاولة التأثير في الرأي العام لأخذ فرصتها في الحكم في الانتخابات القادمة. السلطة والمعارضة كلاهما ضروريان لقيام دولة ديمقراطية يكون فيها الشعب هو الحكم بين الطرفين. التمعن في العلاقة بين السلطة والمعارضة وإن كانت تبدو علاقة تنازع إلا أنها كذلك علاقة تكامل حيث يثمن دور الأولى بوجود الثانية والعكس صحيح. لكن المشكلة تكمن عندما تنحصر هذه العلاقة في النزاع فقط. علاقة النزاع بين أطراف السلطة والمعارضة تكون نتيجتها فشل الاثنين في القيام بأدوارهما. تفشل السلطة أمام معارضة هدامة كما تفشل المعارضة أمام سلطة مستبدة. الأطراف المتمكنة بالسلطة توجه إمكانيات الدولة إلى محاربة الأطراف المعارضة، فتجد المعارضة نفسها في مواجهة مباشرة مع أجهزة الدولة الأمنية والقضائية والإدارية. خلق هذه المواجهة من قبل السلطة وإن كان ينجح في ضرب المعارضين إلا أنه يأتي على حساب قيامها بدورها في تسيير البلاد الذي تتخلى عنه تدريجيا لأجل تركيز دولة مستبدة. أيضا المعارضة الغير مدركة لحدود صراعها مع الأطراف الماسكة بالسلطة تمضي في معارضة الخصم السياسي الماسك بالحكم على حساب وحدة الدولة واستمراريتها وسيادتها. عادة ما تسعى المعارضة لزعزعة أمن واستقرار البلاد من خلال خلق أزمات مفتعلة للدفع إلى الصدام بين السلطة والشعب.  هذه الحالة من التنازع تجعل كل من أطراف السلطة والمعارضة يقعون في شراك القوى الإقليمية والدولية فيصبح كلاهما بيدق في قبضة أحد القوى الخارجية التي توهمه بدعمه ضد خصمه السياسي. في هذه الحالة نكون أمام دولة مختطفة لا يمسك بزمام الأمور داخلها أي أحد ويصعب بالتالي تحديد مستقبلها. بمرور الوقت تفقد كل من السلطة والمعارضة الدعم الشعبي الذي يكون قد انقسم في بداية النزاع إلى قسمين. تتعمق الهوة بين الشعب والفاعلين السياسيين من الجهتين، فالدعم الشعبي بعد أن كان غاية كل طرف يصبح وسيلة يستغله كل طرف لتحقيق مصالحه أو مصالح داعميه من الخارج. أمام هذه الأزمة السياسية تجد النخبة السياسية نفسها أمام خيارين إما إنهاء حالة الصراع باعتراف كل طرف بحق الوجود السياسي للطرف الآخر وإما المضي في إسقاط الدولة.                 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات