قانون الاحزاب السياسية بتونس قبل "الثورة" وبعدها





 




قانون الأحزاب السياسية بتونس قبل "الثورة" وبعدها

 

 

 

منذ سنة 1988 كان القانون عدد 32 المؤرخ في 3 ماي 1988[1] هو القانون المنظم للأحزاب السياسية في البلاد التونسية، وبعد ثورة 17 ديسمبر التي عرفتها البلاد خلال سنة 2010 و2011 أصبح تأسيس الأحزاب السياسية يخضع لأحكام المرسوم عدد 78 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر2011[2].

يعرف قانون الأحزاب السياسية بأنه" مجموعة قوانين تضعها الدولة وتملي بها على الأحزاب ما يصح القيام به أو ما يجب الامتناع عنه، أي الأعمال المشروعة وغير المشروعة في السياسات الحزبية."[3]

تكمن أهمية التطرق إلى قانون الأحزاب السياسية بتونس قبل الثورة وبعدها في اختلاف السياق العام الذي صيغ خلاله النصين القانونيين وبالتالي الغاية من إصدارهما، ففي حين كانت الغاية من قانون 1988 التضييق على الحريات السياسية بمنع تأسيس الأحزاب السياسية واستبعاد خصوم سياسيين، فإن مرسوم 2011 الذي نقح بمقتضاه القانون الأخير، جاء للقطع مع سياسة الحزب الواحد /الحزب الدولة والتأسيس للتعددية الحزبية وإقرار الحريات السياسية الممنوعة منذ الاستقلال. فماهي التغييرات التي طرأت على قانون الأحزاب بعد الثورة؟

تعريف الحزب السياسي 

إن أول اختلافا يلاحظ بين النصين المنظمين للأحزاب السياسية يخص تعريف الحزب السياسي حيث أصبح  الحزب السياسي حسب المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المنظم للأحزاب السياسية يعتبر "جمعية". حيث نص الفصل الثاني من القانون على أن "الحزب جمعية تتكون بالاتفاق بين مواطنين تونسيين يساهم في التأطير السياسي للمواطنين وفي ترسيخ قيم المواطنة ويهدف إلى المشاركة في الإنتخابات قصد ممارسة السلطة على المستوى الوطني أو الجهوي أو المحلي".  و"الجمعية" حسب الفصل الثاني من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بالجمعيات هي "اتفاقية بين شخصين أو أكثر يعملون بمقتضاها وبصفة دائمة على تحقيق أهداف باستثناء تحقيق أرباح".

في حين كان الحزب السياسي قبل صدور المرسوم عدد 87 لسنة 2011  حسب الفصل الأول من القانون الأساسي عدد 32 لسنة 1988 المؤرخ في 3 ماي 1988 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية يعتبر "تنظيم سياسي بين مواطنين تونسيين".

المبادئ والأعمال المحجرة على الأحزاب السياسية

أما فيما يخص المبادئ والأعمال المحجر عل الأحزاب السياسية القيام بها. فقد حجر الفصل الرابع من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 على الأحزاب السياسية أن تعتمد في نظامها السياسي أو في بياناتها أو في برامجها أو في نشاطها الدعوة إلى العنف والكراهية والتعصب والتمييز على أسس دينية أو فئوية أو جنسية أو جهوية. 

غير أن الفصل الثالث من القانون الأساسي عدد 32 كان ينص على أنه "لا يجوز لأي حزب سياسي أن يستند أساسا في مستوى مبادئه أو أهدافه أو نشاطه أو برامجه على دين أو لغة أو عنصر أو جنس أو جهة".

تأسيس الأحزاب السياسية: القطع مع آلية الترخيص المسبق 

من ناحية أخرى قطع مرسوم 24 سبتمبر مع آلية الترخيص المسبق المنصوص عليها في قانون 3 ماي 1988 مقابل التأسيس لآلية الإعلام المسبق. 

لقد نص الفصل الثامن من قانون 1988 في فقرته الأولى على أنه "لا يمكن للحزب السياسي أن يتكون ويمارس نشاطه إلا بعد الحصول على ترخيص صادر بقرار من وزير الداخلية ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية". في حين نص الفصل التاسع من مرسوم 2011 على أنه "على الراغبين في تأسيس حزب سياسي أن يرسلوا مكتوبا مضمون الوصول إلى الوزير الأول". كما أضاف مرسوم 24 سبتمبر إلى الأشخاص المحجر عليهم الانتماء إلى حزب سياسي الولاة والمعتمدين والكتاب العامين للولايات والمعتمدين والعمد.      

 

 

 



 [1] القانون الأساسي عدد 32 لسنة 1988 المؤرخ في 3 ماي 1988 ، الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 31 لسنة 1988 المؤرخ في 6 ماي 1988 ص 715.  

[2] المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011، الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 74 لسنة2011 مؤرخ في 30 سبتمبر 2011 ص 1993.

[3]  جاندا (كينيث)، الأحزاب السياسية والديمقراطية إقرار قانون الأحزاب، ترجمة سليمان (ناتالي)، المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية، بيروت 2006، ص 3. 


إرسال تعليق

0 تعليقات